كيف تحظا بمجدك الأوصياء ؟
شيخنا الحر العاملي
المولود 1033 والمتوفى 1104
كيف تحظا بمجدك الأوصياء ؟ * وبه قد توسل الأنبياء
ما لخلق سوى النبي وسبطيه * السعيدين هذه العلياء
فبكم آدم استغاث وقد مسته * بعد المسرة الضراء
يوم أمسى في الأرض فردا غريبا * ونأت عنه عرسه حواء
وبكا نادما على ما بدا منه * وجهد الصب الكئيب البكاء
فتلقى من ربه كلمات * شرفتها من ذكر كم أسماء
فاستجيب الدعاء منه ولولا * ذكركم ما استجيب منه الدعاء
ثم يعقوب قد دعا مستجيرا * من بلاء بكم فزال البلاء
وأتاه بكم قميص يوسف وارتد * بصيرا وتمت النعماء
وبكم كان للخليل ابتهال * ودعاء لربه واشتكاء
حين ألقاه عصبة الكفر في النار * فما ضر جسمه الالقاء
أيضام الخليل من بعد ما كان * إليكم له هوى التجاء ؟
وبكم يونس استغاث ونوح * إذ طغا الماء واستجد العناء
وبأسماءكم توسل أيوب * فزالت عنه بها الأسواء
ياله سوددا منيعا رفيعا * قد رواه الأعداء والأولياء
لعلي مجد غدا دون أدناه * الثريا في البعد والجوزاء
هو فضل وعصمة ووفاء * وكمال ورأفة وحياء
ولكم نال سوددا لم يبن كنه * علاه الإنشاد والإنشاء ؟
والحروف التي تركبت العليا * منها عين ولام وياء
كان نورا محمد وعلي * في سنا آدم له لألاء
أخذ الله كل عهد وميثاق * له إذ بدا سنا وسناء
أي فخر كفخره والنبيون * عليهم عهد له وولاء ؟
وبه يعرف المنافق إذ كانت * له في فؤاده بغضاء
ولعمري من أول الأمر لا تخفى * على ذي البصيرة السعداء
ولدته منزها أمه ما * شانه في الولادة الأقذاء
داخل الكعبة الشريفة لم يدن * إليها من الأنام النساء
لاح منه نور فأشرقت الأرض * وأرجاؤها به والسماء
كان للدين في ولادته مثل * أخيه مسرة وازدهاء
يا له مولدا سعيدا تجلت * عن محياه بهجة غراء
فهنيئا له لفاطمة السعد * الذي ما له مدى وانتهاء
بل لدين الاسلام من غير شك * وارتياب قد كان ذاك الهناء
إلى أن قال :
وأتت منه في علي نصوص * لم يحم حول ربعها الاحصاء
قال فيه : هذا وليي وصيي * وارثي هكذا روى العلماء
وزعمتم بأن كل نبي * لم يرث منه ماله الأقرباء
هو مولى من كان مولاه نصا * منه فليترك الهوى والمراء
ودعا بعدها دعاء مجابا * وبه قد تواتر الأنباء
ويقول فيها :
للمعالي بين الورى يا علي بن * أبي طالب إليك انتهاء
وكذا للكمال منك وللسودد * والمجد والفخار ابتداء
للورى لو درى الورى بك من * بعد أخيك الطهر الأمين اهتداء
واجب بالنصوص منه عن الله * وأين المصغي بك الاقتداء
ثم يوم [الغدير] هل كان إلا * لك دون الأنام ذاك الولاء ؟
يوم مات النبي كنت إماما * في العلا لم يساوك النظراء
(القصيدة 453 بيتا)
وله يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام وهي من قصايده المحبوكات الطرفين على حروف الهجاء تسع و عشرين قصيدة، كل واحدة منها 29 بيتا، أسماها [مهور الحور] كلها في مدح أمير المؤمنين:
هو الحب لا فيه معين ترجاه * ولا منقذ من جوره تتوخاه
هو الحتف لا يفني المحبين غيره * ولولاه ما ذاق الورى الحتف لولاه
إلى أن قال :
هداية رب العالمين قلوبنا * إلى حب من لم يخلق الخلق لولاه
هو الجوهر الفرد الذي ليس يرتقي * لأعلى مقامات النبيين إلا هو
هلال نما فارتد بدرا فأشرقت * جوانب آفاق العلا بمحياه
هما علة للخلق أعني محمدا * وأول من لما دعا الخلق لباه
هوى النجم يبغي داره لا بل ارتقى * إليها فمثوى النجم من دون مثواه
هل أختار خير المرسلين مواخيا * سواه فأولا الكمال وآخاه ؟
هل اختار في يوم [الغدير] خليفة * سواه له حتى على الخلق ولاه ؟
هدى لاح من قول النبي وليكم * علي ومولى كل من كنت مولاه
هناك أتاه الوحي بلغ ولا تخف * ومن كل ما تخشاه يعصمك الله
هنا لك أبدى المصطفى بعض فضله * وباح بما قد كان للخوف أخفاه
وله من المحبوكات الطرفين :
كتمت الهوى والحب بالقلب أملك * وأجمل من كتم الغرام التهتك
كواعب أتراب قصدن بحربنا * ولسنا بتوحيد المحبة نشرك
كتائب أبطال بهن دماؤنا * جزاء على حفظ المودة تسفك
يقول فيها :
كرامات مولاي الوصي وولده * أنارت فلا يخفي سناها المشكك
كلام النبي المصطفى حجة فهل * أجل وأعلى منه في الشرع مدرك ؟
كفى قوله يوم [الغدير] بأنه * لكل الورى مولى فينسى ويترك
كما جاء في التنزيل ليس وليكم * سواه ومن ذا بعد ذاك يشكك ؟
كواكب فضل المرتضى حين أشرقت * لها المجد افق فيه تسري وتسلك
وله من المحبوكات الطرفين :
عدني ودعني من زيارة بلقع * يا أيها الحادي لهن بمرجع
عذبن جسمي بالنحول ومهجتي * بالهجر واستمطرن صيب مدمعي
إلى قوله :
عدم المجاري في الكمال لسيدي * ذي السودد الأسنا البطين الأنزع
عم الفضايل حين خص برفعة * من ذروة العليا أجل وأرفع
عجبا لمن فيه يشك وقد أتى * خبر [الغدير] ونصه لم يدفع
عهد النبي إلى الأنام بفضله * ويل لمنكر فضله ومضيع
عدت فضايله فأعيى حصرها * وغدا حسيرا عنه فكر الألمعي.